في عالم التسويق لدينا الكثير من الأمثلة والقصص التي تجعلنا نفكر ونعرف الكثير من استراتيجيات التسويق الذكية التي خطرت على بال بعض الاشخاص ثم نُقلت الينا عن طريق الحكايات، وسيكون لنا فيها صولات وجولات باذن الله -تعالى- ولكن نبدأ في هذه السلسلة بأحد أفضل القصص وهي قصة " عامل تصليح التلفاز ".
تحكي هذه القصة عن عامل تصليح تلفاز يستدعيه الناس عادة عندما توجد مشكلة في أجهزة التلفاز الخاصة بهم، تلك الأجهزة العتيقة التي مازال بعض الناس يستخدمونها حتى الان، يذهب الى بيت صاحب التلفاز ويلقي نظرة على التلفاز الخاص به، وهنا يقول له : " إن التلفاز يحتاج بضعة أيام لإيجاد قطعة مناسبة لإصلاحه "، يقول ذلك حتى لو كان التلفاز يحتاج فقط لتغيير سلك أو ضبط الإشارة، ولأن هذا الشخص ودود جداً فهو يحضر معه تلفاز ذو شاشة مسطحة، تلك الشاشة التي قد يقدر ثمنها بألف دولار "1000$"، هذا الرقم ليس صغيرا على الاطلاق، في حين أن التلفاز الذي يملكه صاحب المكان قد لا يتعدى التسعون دولاراً "90$" وبالتأكيد ليس لديه القدرة لشراء مثل هذا التلفاز المسطح، يقوم العامل بتركيب الشاشة المستطحة الكبيرة رغم ذلك مكان التلفاز القديم الذي يحتاج يومين او ثلاثة او حتى أسبوعاً للتصليح ويقول للرجل : هذه الشاشة هنا لتستمتع بها أثناء عملي على اصلاح تلفازك، فيشعر الرجل بالسرور وكذلك الأولاد، فيأخذ العامل التلفاز القديم وينصرف.
بعد أسبوع يعود العامل الى منزل الرجل ومعه التلفاز وفي يده عقد بيع، لكن لماذا ؟ والاجابة هي انه عندما يذهب للرجل يخبره ان تصليح تلفازه القديم سيكلفه خمسون دولارا 50$، لكن يمكنه دفع تلك الـ 50$ والحصول على الشاشة المسطحه الجميلة بنظام التقسيط !
هنا نجد ذكاء هذا العامل، فالرجل بالفعل قد شاهد التلفاز على الشاشة الجديدة لمدة اسبوع، وقد علم الفرق بينها وبين تلفازه القديمـ كما أن أبناءه وأسرته كاملة سعيدون بها فلن يتخلوا عنها بهذه السهولة، وفي نفس الوقت ليس معهم المال لشرائها، فيعرض هو الحل وهو دفع نفس تكلفة اصلاح تلفازه القديم مقابل برنامج تقسيط وعندها ستبقى الشاشة معه ويستمتع مع اسرته بجودتها العالية، فهي صفقة رابحة للطرفين.
هنا نستنتج بعض الأمور
أولاً : دع العميل يرى القيمة الفعلية للمنتج الخاص بك، وان كان يملك منتج منافس لك، فعندما يقارن سيختارك بلا شك.
ثانياً : اللعب على حواس ومشاعر العميل هو امر مهم، فهنا نجد أنه لعب عليهما بذكاء، فقد لعب على سعادته عندما يرى أهله سعداء بالشاشة،والذين لن يتركوه يفوت عرض الحصول على الشاشة بنفس ثمن تصليح الجهاز القديم، وكذلك لعب على حاسة البصر فهو يرى جودة صورة لم يحلم بها من قبل.
عندها ستجد العميل متشبث بك وبالمنتج الخاص بك، ولن يتركه بسهولة.